هي فتاة رائعة خَلْقاً وخُلُقاً لها حِكمة لُقمان وصورة يوسف، من أهل بيت أشتُهر أهله بالحكمة والايمان ذات حسب ونسب ودين، تزوجت من فارس نبيل استحقها عن جدارة عرف قدرها فصانها وقدّم لها ما تستحق .. لكن الحاقدين كانوا بالمرصاد فدبروا مكيدة قتلوه فيها غدراً بعد ثلاثة أعوام وربع العام من عمر زواجهما السعيد مرت كحلم جميل، أُجبِرت بعدها على الزواج بمن خطط ودبّر قتل زوجها الأول لكن هذا الزواج لم يستمر سوى بضعة شهور انتهت بمقتله هو الآخر لينبري بعدها من اغتال حبيبها بيديه ويفرض نفسه على أهلها الذين لم يجدوا بُداً من قبوله زوجاً لابنتهم رُغماً عنها فأسلمت أمرها لله وصبرت واحتسبت، لكنه لم يرعى فيها ولا في أهلها إلاً ولا ذمة، وأخذ مع مرور الأيام والسنوات يزيد من جُرَع اهانتها واذلالها، ينهب مالها ليصرفه على ملذاته مع المقربين من أصدقاء السوء ويحرمها وصغارها من التمتع بما تملك حتى تملّكها الجوع والوهن واشتد بها الفقر ولم يبقى لها سوى البيت الذي ورثته عن أبيها لتعيش فيه مع أولادها وبناتها ويشاركهم في سُكناه هذا الزوج المتسلط الأثيم الذي لا فرق عنده بين حلال وحرام، واستمرت طوال سنوات تعايشها معه تنصحه وتدعو له بالهداية وصلاح الحال عقب كل صلاة، إلا انه كان يزجُرها ويزيد في غيه وطغيانه وظُلمِه لها يوم بعد يوم وهي صامتة لا تجرؤ على الشكوى مخافة الفضيحة وخوفاً على صغارها الذين خشيّت عليهم الويل والثبور وعواقب الأمور التي كان يُهدد بها، خاصة بعد أن سَمِع أحد الجيران بحالها فحاول التوسط واقناع الزوج بالرحيل من الدار وتركها تعيش في دارها بسلام مع أولادها ، فما كان منه إلا أن طَرَد الجار الوسيط وسبهُ ثم عاد للبيت ليذيقها من صنوف التعذيب ألواناً شتى، وعرّج على أطفالها ليشوي جلودهم كيّاً بنار سيجارته أمام عينيها ويضرّجهم بدمائهم جلداً بحديد حزامه، ثم أجبرها على القسم بأن لا تذكُر اسمه على لسانها لأحد ولا حتى لنفسها ولو كان همساً أوسراً بقلبها.أبرّت بقسمها الذي اُكرِهت عليه لدرجة تدعو للضحك رغم مرارة البؤس الذي تعيشه، فكانت كلما أتمت التشهد الأخير من كل صلاة تهمس اللهم صلي على نبينا وعلى آله كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ... أتدرون لما ؟! .. لأن زوجها كان يُدعىَ مُحمد وهي أقسمت بأن لا تذكُر أسمه حتى بقلبها.لم تكن تلك سذاجة منها كما قد يعتقد البعض بل كان لحِكمة، لم تكُ تدعو عليه لكنها في تلك الجمعة فعلت بقلبها كردة فعل على تعذيبها وأبنائها دون أن تذكُر اسمه وفاءً بقسمها ولكونها تُدرِك أن الله لا يحتاج منها أن تذكر اسم من ظلمها ليخسف به، ولم تفرغ من صلاتها حتى أتاها النبأ بأن زوجها قد أصيب بحادث نُقِلَ على إثره إلى المستشفى، لم تفرح حينها بل أحست بالذنب، أرادت أن تراه وتطمئن عليه لكنها لم تتمكن من ذلك .. عدة أسابيع مرت وهي تترقب الأخبار خوفاً ورجاءً، وكانت الأنباء تأتيها متضاربة بين موته وطفافة إصابته فضلّت تدعو الله له بالغفران إن كان قد مات و بالشفاء إن كان حياً لكنها ترجو من الله أن لا يعود إليها، ليلة الأمس سمِعت طرقاً على الباب أفزعها فذهبت لترى من الطارق، وقبل أن تسأل وجدت مظروفاً تحت عقب الباب، فتحته فوجدت بداخله صورة لشخص لم تتبين ملامحه لأنه كان مُحترق الوجه والجسم نحيل البنية ويبدو من الصورة أنه قد فقد بعض أعضائه، قلبت الصورة فوجدت رسالة عرفت من خلالها أن الصورة لزوجها الذي كانت تدعوه محمد لكن الرسالة كانت موقعة باسم آخر هو اسمه الحقيقي الذي كان يخفيه عنها وعن الناس مخافة أن يُعيّر به، فشهقت من هول الصدمة ودمعت عيناها ألماً على حالته .. ثم استأنفت قراءة الرسالة لتجد بين سطورها تهديداً جديداً لها ولأولادها فانتابها الخوف لبرهة لكنها أزالته بإطلاق زغرودة ثم قالت الحمد لله على سلامتك لكني قد أقسمت هذه المرة بأن لا أمكّنك من نفسي بعد اليوم ،،
ملاحظة : سردتُ القصة أعلاه بناءً على طلب من بطلتها التي أرادت أن تسألكم من خلالي .. ماذا ستفعلون مساعدة لها للخلاص من ذلك المتشبث بها بدعوى أنه لا يزال الزوج الشرعي لها ولم ولن يقبل الحُكم بالخُلع ؟.
وللأحرار فقط تحياتي .. طارق الشيباني