كانت جمعة مميزة من صباح الصبح, ولكن الأحداث الحقيقية بدأت عندما لاحظت من خلال مرآة سيارتي بأن سيارة (Hyundai Santa Fe) سوداء اللون تتبعني مُذ خرجت إلى الشارع العام حتى وصلت قرب جسر الستين. لم أُعر الأمر كبير اهتمام باعتبار أن معظم الناس يخرجون للصلاة في نفس الوقت وإلى ذات المكان .. ترجّلت من السيارة بعد أن أوقفتها قرب مطعم (السلتة) المقابل للجسر, ولكثرة الزحام أضطررت أن أجلس على الجسر بانتظار الخطبة ومن ثم الصلاة .. بعد لحظات أتى غُلام صغير وجلس بجواري فأردت أن نتشارك مضلتي, لكنه بدى في عجلة من أمره .. أخرج من جيبه قصاصة ورق صغيرة وقدمها لي .. لبُرهة ظننت أن القصاصة تتضمن طلباً للمساعدة وهي طريقة دأب عليها بعض المحترفين من إخواننا الشحاذين, وكنت على وشك أن أمد يدي إلى جيبي لأخرج ماقسم الله دونما حاجة لقراءة القصاصة, لكن هيئة الغُلام لم تكُ توحي بأنه منهم, لذا قررت أن أقرأ المكتوب أولاً .. كانت ثلاث كلمات فقط, لكنها كافية لأعرف بأنها موجهة لي شخصياً لا لسواي من المصلين, سألت الغُلام : من الذي أعطاك هذه ؟ .. لم يتكلم , بل أشار بإصبعه الصغير باتجاه سيارة كانت تقف بجوار سيارتي .. خطوت بضع خطوات حتى وصلت حافة الجسر لأستوضح الأمر, فإذا بها نفس السيارة التي ارتبتُ في أمرها .. كان زجاج باب السائق مُعتِماً بدرجة تكفي لمنع رؤيته, ولكنه رأني واقفاً أنظر إلى سيارته فغمز لي بفانوسها ليؤكد بأنها هي السيارة المقصودة, ثم أنطلق يميناً باتجاه (مذبح) .. إلتفتُ باحثاً عن الغُلام, لكنه كان قد ذاب كالثلج تحت وقيد شمس ظهيرة الستين, وتَبخَّر بين جموع المُصلِّين.
لن أقول لكم ما كُتِبَ بالرسالة كي لايحظى صاحبها بهذا الشرف, ولكن اسمحوا لي أن أقول له على لسانكم جميعاً:
لن أقول لكم ما كُتِبَ بالرسالة كي لايحظى صاحبها بهذا الشرف, ولكن اسمحوا لي أن أقول له على لسانكم جميعاً:
كبُرنا على خوفنا حين ثُرنا .. و أنتم ستبقـــون دوماً صِغار
و بوابة المجدِ نحنُ دخلَّنا .. و أنتم دخلتم بـطيز الحمار
=======================
وللأحرار فقط تحياتي .. طارق الشيباني