الاثنين، 11 فبراير 2013

دندنة في ذكرى الثورة



لم تسمعني أُدندن بصوت أقرب للنحيب منه إلى الغناء إلا ليلة الأمس العاشر من فبراير 2013. تَرَكتْ مُراجعة دروسها رغم زنقة الامتحانات ودخَلت غرفة نومي دون أن تقرع الباب، قالت بلكنة الأمريكيين الأفارقة التي تُتقنها كما لو كانت واحدة منهم  What's up Man ?. .. أجبتها بغناءٍ تخنقه العبرة: لا تشلُّوني ولا تطرحوني. خطفت الهاتف المحمول الذي كان على طاولة السرير، التقطت الصورة المرفقة بقصد توثيق حالتي النفسية المزرية، أرادت وهي العارفة بمفاتيح مزاجي أن تستفزني لتعرف سر حسرتي، جلَّست على طرف السرير والفضول يملأ عينيها، قالت: الليلة هي ليلة الذكرى الثانية لثورة فبراير، وتوقعت أن يكون صوتك مفعماً بالأمل لا مُثخناً بالألم!. قُلت وأنا أحاول تمالك نفسي: خلّي لي حالي يا أنغام. قالت: أبوها الزرّه يا حبّوب .. أيش القصة ؟.. في الأيام الأولى للثورة كُنتَ تُغني لنا بلادي بلادي اسلمي وأنعمي سأرويك حين الظمأ من دمي، ويوم انتخاب الرئيس هادي غنّيت " املوا الدنيا ابتساما وأرفعوا في الشمس هاما " وليلة ذكرى الثورة تُغني "لا يشلّوك ولا يطرحوك!!". تبسمتُ ضاحكاً من قولها وأنا أضع العود جانباً وقُلتُ لها بالفصحى: أي بُنيّتي ..ألا ترين النشوة قد أسكرتني وكأن صميلاً قد خبط قفاي؟. قالت: هذه نشوة المصروعين، الله يلعن أبو اللي زعَّلك يا أحلى بابا.. خليهم يتضاربوا مثل توم و جيري، أو يروحوا بستين ألف داهية .. ليش تحرق أعصابك؟ أنت مُش وكيل آدم على ذُريته. قُلتُ: يا حبيبة أبوها.. أصحابنا رِكِبوا فوق ظهورنا وقالوا شدّوا حيلَكم، ومن هبالتنا صدّقناهم و شدّينا الحيل لمَّا قطعناه، وبعد ما وصلوا دعمموا و جزَّعونا غلطة، الخوف الآن عليكم أنتم. قالت: يا أبتي لا تحزن .. أنت كُنتَ دائماً تقول خليكُم متفائلين فالمستقبل حتماً أفضل، ليش ما نصبر شويه كمان ونرى في أي الديار ستُحط الرِحال؟. قبل أن تُكمل تذكيرها لي بكلامي عن الأمل في المستقبل، كمَّل ديزل الماطور وغرق منزلي مع باقي منازل العاصمة صنعاء وضواحيها في ظلام دامس، وذهبت الثائرة أنغام كغيرها مُكرهة إلى الفراش قبل موعد نوم الدجاج وهي تردد: لا تشلُّوني ولا تطرحوني

وللأحرار فقط تحياتي .. طارق الشيباني