الثلاثاء، 19 فبراير 2013

فيروز هي السبب




بعد تفكير عميق في محاولة مني لتفسير وضع اليمن الاقتصادي تبين لي أن السبب فيما نحن فيه هو المطربة اللبنانية القديرة فيروز الله يسامحها .. ومع أني من محاربي القات لكني أنصح من أراد معرفة التفاصيل أن يتناول القليل منه لاستيعاب الـ(لوّك) الاقتصادي التالي والذي أعترف لكم بأنه يشرخ الراس .. اللهم أني قد بلّغت .

أما بعد .. فقد وصل معدل الفائدة على أذون الخزانة قبل ثورة فبراير 2011 إلى (23%) وهو من أعلى معدلات الفائدة على مستوى العالم ويعد ذلك مؤشر على الوضع الاقتصادي المُزري الذي وصلت إليه البلاد خلال حقبة حكم الرئيس السابق، فالكساد والفساد الذي كانت ومازالت اليمن تعاني منه و السياسات الإدارية والاقتصادية العقيمة وما نتج عنها من انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي وسعر العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية وارتفاع مستوى الأسعار وتنامي تضخم الانفاق الحكومي الغير مبرر الذي قابله تقلص في الإيرادات مع شحة الموارد وانخفاض السيولة النقدية وبالتالي ارتفاع عجز الموازنة العامة بشكل مخيف هو ما اضطر وزارة المالية إلى اللجوء لعامة الشعب للاستدانة منهم لتتمكن من مواجهة العجز عبر أذون الخزانة ولو بسعر فائدة مرتفع على أساس أن هذا الحل سيكون مؤقتاً، ولكن سياسة تغطية عجز الموازنة بالدين ذو الفائدة المرتفعة الغير منتج للعوائد أدى إلى زيادة حجم الدين العام وأجبر الحكومة مُجدداً للّجوء إلى مزيد من الدين لتغطية المزيد من العجز وهكذا ظلت تدور سع جَمَل المعصرة .. ولكي لا أظلم الرجُل فأنا شخصياً أرى أن الخطأ في سياسات صالح لم يكن عن سبق إصرار وترصُّد فرغم أنه كان ومازال يعشق التطبيل والقوارح إلا أني أتخيل أن الصدفة البحتة جعلته يستمع للسيدة فيروز وهي تغني (يا داره دوري فينا .. وضلي دوري فينا .. تاينسو أساميهن .. وننسى أسامينا) فأعجبته الأغنية وقرر أن يتبناها سياسة لإدارة شئون البلاد وفعلاً تمكّن من خلالها أن يدوخنا وينسينا أسامينا.

ونظراً لارتفاع كلفة الاقتراض من البنوك كون أسعار الفائدة على القروض وصلت إلى (25-27%) وبسبب شحة الفرص الاستثمارية والعوائق التي كانت تقف أمام أصحاب رأس المال الوطني والأجنبي بما في ذلك الإتاوات ونسب الأرباح التي كانت تفرض عليهم من المتنفذين (عسكر ومشايخ ومسؤولين) والتي أدت إلى ارتفاع مخاطر الاستثمار، وباعتبار أن رأس المال جبان ولا يحب المخاطر الكبيرة فقد فضّل الشُطّار من أصحاب رأس المال الفرار بجلدهم إلى بلدان أخرى أما (الهُبل) الذين بقوا في البلاد فقد رأوا أن من الأفضل لهم أن يغلقوا متاجرهم و مصانعهم و شركاتهم ويضعوا (زلطهم) على هيئة ودائع لدى البنوك التجارية وأذون خزانه طرف البنك المركزي ليحصلوا وهم هاجعين على عائد محترم قد لا يحصلون على نصفه من أعمالهم المهددة بالخطر وذلك على اعتبار أن العائد من أذون الخزانة هو عائد خالي من الخطر (Free Risk) ومضمون من قبل الحكومة ، وهذا الأمر أدى إلى تسريح عشرات بل مئات الألاف من العمال والموظفين وبالتالي زاد من نسبة البطالة وأغلق باب الاستثمار الحقيقي الذي يعود بالنفع على صاحبه وعلى المجتمع ككل.

بعد الثورة وتحديداً في السابع عشر من أكتوبر 2012 أقر البنك المركزي اليمني خفض معدل الفائدة على الودائع إلى (18%) وذلك في ضوء استقرار أسعار الريال والتطورات الإيجابية للمؤشرات الاقتصادية، وفي الثالث عشر من فبراير الجاري 2013 أقر البنك المركزي خفضاً جديداً للفائدة على الودائع لتصبح (15%) فقط نظراً لاستمرار تحسن الوضع الاقتصادي والتراجع الإيجابي لمؤشرات التضخم فضلاً عن ارتفاع احتياطيات اليمن من النقد الأجنبي إلى ستة مليارات ومائتين مليون دولار في نهاية سبتمبر 2012 مقارنة مع أربعة مليارات وخمسمائة مليون دولار في نهاية عام 2011، وكان يٌفترض أن يؤدي ذلك إلى خفض كلفة تمويل أنشطة القطاع الخاص والقطاع الاقتصاد بشكل عام معبراً عنه بانخفاض متوازي في معدل الفائدة على الأموال المقترضة من البنوك الأمر الذي سيؤدي إلى إقبال رجال المال على الاقتراض وبالتالي الاستثمار في مجالات تعمل على تنشيط الوضع الاقتصادي وخلق فرص عمل جديده لمن فقدوا وظائفهم وأعمالهم وللخريجين الجدد وزيادة دخول الافراد وزيادة الناتج المحلي إجمالاً ,,, غير أن هذا الأمر لم يحدث حتى تأريخه ولسبب أنا شخصياً أجهله بقيت أسعار الفائدة على الاقتراض كما هي (25-27%).

بمعنى أن الوضع الحالي هو أن أسعار الفائدة على الاقتراض بقيت مرتفعة على حالها وبالتالي يصعب على من يرغب في الاقتراض بغرض الاستثمار الذي يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي للبلد - أن يحصل على القروض نظراً لارتفاع كلفتها، وبالمقابل لم يعد العائد على الودائع وأذون الخزانة مجدياً لمن أراد أن يستثمر أمواله لمصلحته الشخصية وبدون مخاطر .. والخلاصة أننا كشعب ورجال أعمال لا طِلنا بلح الشام ولا عنب اليمن.

ويبدو أن (الجماعة) مازالوا يستمعوا لنفس الأغنية ويطبقوا ذات السياسة مع فارق بسيط وهو استبدال الأخوين رحباني بالثلاثي الكوكباني.

وللأحرار فقط تحياتي .. طارق الشيباني


19فبراير 2013