الثلاثاء، 19 فبراير 2013

مُبدِعُون وثيران


ضَحكتُ ملئ شدقيَّ وأنا أستمع للقاء أجرته إذاعة صنعاء مع إحدى عضوات ما يسمى بـ"جمعية المخترعين والباحثين اليمنيين" تدّعي فيها أنها (اخترعت) طريقة لتعليم الصغار جدول ضرب الأرقام من ستة إلى تسعة بالأصابع وهي طريقة كان اليونانيون ثم الصينيون يستخدمونها قبل اختراعهم لعداد الخرز البدائي (أبـاكس) الذي ظهر في الصين بشكله الحديث في القرن الثالث عشر ميلادي، وأخرى جرى تكريمها وقامت لها الدنيا ولم تقعد لأنها ركّبت لمبة (تلصي) بخلية شمسية جاهزة التصنيع ليس لها فيها فضل ولم تضف إليها شيء يُحسب لها، وثالث يزعم أنه (اخترع غاز) لتشغيل (الماطور) وهو لا يعرف حتى أن الغاز الذي أخترعه (على قولته) ولم يقل حضّرته أو أنتجته أو اكتشفته - هو غاز الميثان الذي (اخترعه) أرحم الرحمين يوم أن خلق الكون .. تلك عينات فقط وجر لك جر من هذه التراهات التي تُضحّك الحمير، المشكلة أن بعض المعنيين بإجراء هذه اللقاءات في وسائل إعلامنا أشد جهلاً من أولئك المُدَّعين باختراع العجلة في القرن الواحد والعشرين، ولهؤلاء الذين لا يعيشون في قرننا ولا حتى في قرن الثور بل مازالوا (مُدندَلين) بذيله أقول كما تقول ليلى ربيع: "جِعل لُكم حبّه" وأستأنف: استحوا قليل يا خُبره ضحّكتم خلق الله علينا مش من شاف مقطع في (اليوتيوب) عن موضوع أكل الدهر عليه وشرب قلَّده وعِمل من نُفسه مُخترع وعالم

خلوا بالكم .. أنا هنا لا أنفي (الطحطحة) عن اليمنيين فهناك علماء وعباقرة حقيقين يعترف بقدراتهم وفضلهم العالم بأسره ولكني أزعم جازماً بأني لو سألت الأصدقاء: من منكم سمع مثلاً عن "مناهل عبد الرحمن ثابت"؟. فلن يجيبني إلا من رحم ربي (إذا ربي رحم أحد)، وتلافياً للأحراج أقول: مناهل ثابت يا ساده تعرف نفسها بأنها يمنية موهوبة دخلت الجامعة لتدرس الاقتصاد في الولايات المتحدة الامريكية ولم يتجاوز عمرها 15 عام ، وتعد أصغر امرأة في العالم تحصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة المالية، حيث حصلت عليها وعمرها لم يتجاوز الـ 25 عاماً ، وقد ساهمت أطروحتها في إثراء العديد من البحوث والدراسات بما في ذلك نظرية سلوك سعر الفائدة والاختبارات التجريبية لنظرية تسعير المراجحة في الأسواق المالية وتم تلقيبها بملكة البورصة من قبل وول ستريت جورنال، وتم اعتماد أبحاثها من قبل العديد من الجامعات الأمريكية لأغراض التنمية، واستعانت بنظرياتها الاقتصادية كبرى المؤسسات المالية على مستوى العالم

وتقول بأنها حصلت على الدكتوراه الثانية في رياضيات الكم وعمرها 28 عاماً، وأن عملها في هذا المجال تركَّز على وضع معادلات رياضية جديدة لحساب مسافات الكون في غياب الضوء وقياس سرعة العناصر الصغرى لمشتقات الذرة. تم تبني نظرياتها في هذا الشأن من قبل العديد من المؤسسات العالمية المتخصصة في مجال الفضاء من ضمنها وكالة الفضاء الامريكية ناسا، وهي المرأة الوحيدة في العالم التي تدخل في علم الانضباط بالنظريات الميتافيزيقية، وفي عام 2000 حصلت على "جائزة التميز الدولية والبيئية والإنسانية العالمية" نظرا للجهود البارزة في البعثات البيئية والانسانية في افريقيا بينما كانت تعمل مع الأمم المتحدة. كما انها اصغر امرأة يتم تكريمها لعام 2000 من قبل "اتحاد المرأة من أجل السلام العالمي" ، وفي ديسمبر 2010 تم منحها لقب المرأة الملهمة اعترافا بجهودها تجاه المرأة العربية الشابة كملهمة بشكل خاص والمرأة بشكل عام كما نالت العديد من الشهادات والجوائز لتفوفها في مجالي الاقتصاد والرياضيات. وفي 2012 ادرجت من ضمن اكثر 100 شخصية مؤثرة

هي عضو نشط في منظمات مثل مِنسا الدولية، ومنظمة القيادات العربية الشابة و الرابطة الدولية للمهندسين الماليين ورابطة عباقرة العالم، ترأس جمعية (أي كيو) بالإضافة إلى كونها كاتبة عمود وباحثة اقتصادية في العديد من المنشورات المالية الرائدة، حصلت على أكثر من 130 اعتراف وشهادة دولية وإقليمية

الجدير ذكره أن العالم والأديب الكبير البروفيسور حبيب عبد الرب سروري Habib Abdulrab أستاذ علوم الكمبيوتر بقسم هندسة الرياضيات التطبيقية (كلية العلوم التطبيقية، روان، فرنسا)، الذي يشرف على مشاريع فرق أبحاث جامعية مشتركة، وعلى كثيرٍ من أبحاث الدكتوراه - يشكك على الرابط التالي فيما ورد عن الدكتورة مناهل ويقول أنه كلام بلا معنى ويدعونا أن نستخدم عقولنا ولا نصدق كل ما يُقالhttps://www.facebook.com/habib.abdulrab/posts/10151745186722802?comment_id=30581343&notif_t=like

و إعمالاً لحق الرد و إحقاق الحق طَلبتُ رداً من الدكتورة على البروفيسور حبيب لكن السكوت كان هو الرد الذي لم أتوقعه أنا وغيري.

وبغض النظر عن رد الدكتورة مناهل فالسؤال هو أين إعلامنا وحكومتنا وقيادتنا السياسية الرشيدة من البروفيسور حبيب سروري والبروفيسور مصطفى العبسيMustafa al'Absi والدكتورة مناهل ثابت Manahel Thabet (إن صح ما قرأناه عنها) وعشرات غيرهم؟ ولماذا يُكرّم مُبدعينا (الحقيقيّن) في كل بلاد العالم إلا بلادنا ولا نعرف نحن شيئاً عنهم؟ .. قد يُقال أن النظام السابق عمل جاهداً طوال ثلاثة عقود على تطفيشهم و قتل إبداعهم خشية انتشار عدوى التنوير بيننا، نقول ممكن ولكن لماذا لا يستفيد القادة الجُدد من هذه الموارد الأكثر استدامة والأغلى قيمة من النفط والغاز والزنك وكل القلافد والحِجار؟. أيُها السادة الساسة .. ألم يأن الأوان أن ينهل الوطن من هؤلاء وينهلوا منه؟ .. أوليس جُحا أولى بلحم ثوره؟ ..لا أنتظر من الثيران إلا الخوار ولكني أطرح السؤال على الثوَّار الأحرار

وللأحرار فقط تحياتي .. طارق الشيباني


16 فبراير 2013