يُحكى أن أحدهم أضطُر يوماً لاستضافة أحد أقربائه، وكان هذا القريب كذَّاباً من العيار الثقيل، وعند ذهاب المُضيف للمقيل لم يجد بُداً من اصطحاب قريبه إلى ديوان القرية.. وعندما (بحشم) القريب الكذاب لم يستطع مقاومة رغبته في الكذب على الناس فقال للحاضرين: هل تصدقون بأني سمعت بالأمس كلاباً تنبُح في السماء؟!.. التفت اليه الجميع مُستغربين ما سمعوا وسألوه كيف ذلك؟! فأسرع المُضيف يُرقّع كذب صاحبه قائلاً: كانت هناك بقرة ميته نهشت الكلاب الجائعة جثتها حتى وصلّت لجوفها وبينما هم في الداخل جاءت مجموعة من النسور ورفعت جثة البقرة إلى السماء فأخذت الكلاب تنبُح من داخلها.. بلعَ الناس الكذبة مع أن قصة البقرة لم تكن مقنعة بدرجة كافيه، ولم يمضي إلا القليل من الوقت حتى باشر الضيف قائلاً: وقبل يومين كنتُ أتمشّى في الطريق فرأيت غزالاً وقررت اصطياده فأطلقت عليه رصاصة واحدة من مسدسي فأصابته الطلقة بالقرن والظلف (الحافر) معاً، فاستنكر الناس القصة وقالوا مستحيل ؟! فانبرى المُضيف قائلاً : جاءت الطلقة مع (تحِكَّاكه)، أي أن الطلقة أصابت الغزال في اللحظة التي كان فيها يحك قرنه بحافره فأصابته بالقرن والحافر معاً.. هزَ الناس رؤوسهم وهم غير مُصدّقين، ولكن الرجل لم يكتفي واستطرد يقص عليهم من الأراجيف ما يُشيّب رأس الرضيع وكان من بين ذلك أن قال: لقد بنيت مجلساً لي في قريتنا يبلغ طوله (1000) متر دون أعمده .. فسأله الحضور وكم يبلغ عرض هذا المجلس؟ .. فألتفت إليه المُضيف ووكزه على جنبه وهمس في أذنه قائلاً: قصِّر العرض يا صاحبي ولا تحرجني أكثر مما فعلت.. فاستجاب له صاحبنا وقال: العرض تقريباً (500) متر.. لم يجد المُضيف طريقة لإقناع الناس بهذه الكذبة، إذ لا يوجد خشب بطول 500 متر يُمكنه أن يحمل سقف هذا المجلس خاصة أن (الخبير) قد شيّد مجلسه الخُرافي من دون أعمده في وسطه.. عندها صاح المُضيف في وجه ضيفِه غاضباً: إذن فلتسقِفه بأرجل أمِك..
وهنا نسأل: أما آن الأوان لأجهزة اعلامنا الرسمية بعد كل هذا الكذب والتضليل على الشعب أن تقول للفندم (قصّر العُرض) أو فلتسقف مجلسك بما شئت وكيف شئت؟!، أما آن للشرفاء من العاملين في هذه الأجهزة أن يقولوا هرمنا وسئمنا من ترقيع كذِّبك واقناع الناس بما لا يٌقنعُ الحمير؟! .. فمرة تدّعون أن الثوار (المحتلّين) قد أتوا بجثث جاهزة (ليتشعبطوا) بها على النظام ورموزه، ولم يتورعوا عن سحلِ شيخ مُسنٍ بلا هوادة ولا رحمة، ثم تأتون بخشبة مُّسَنَّدَةٌ وتصلون على جنازتها، ثم تنفخون في مرحومكم الروح لنستعرض نحن بكل وقاحة قدراتكم الخارقة على إحياء الموتى، ومرة تقطعون لسان شاعر مسكين لتحرّضوا البسطاء من الناس على قتل الشباب باعتبارهم بُغاة مجرمون وقُطّاع طُرق وقتلة بدأوا ثورتهم بقطع الألسن وسيتبعون ذلك بقطع الأيدي والأرجل من خِلاف ليلحق ذلك قطف الرؤوس، .. تقومون باختطاف الحرائر وتدّعون أنكم وجدتُموهن في أحضان عُشّاقِهن .. أما تستحون من أنقسكم يا رُعاة هذا البوق النتن المُسمى بالإعلام الرسمي قبل أن تستحوا من الناس ومن رب الناس؟! أم تُراكم استمرأتم لعب دور العمياء التي تُخضّب المجنُونة لتزيّنها في أعين الناس فلم تُزِدها إلا قبحاً على قبحها .. والله ما أراكم إلا (كقاشِع زنّة) يحاول أن يُقنع المُشككين من علماء الفلك بصحة نظرية (الثُقب الأسود).
وللأحرار فقط تحياتي.. طارق الشيباني