الخميس، 28 أبريل 2011

قبل فِرار العكابر


لازلتُ أتذكر مسرحية حضرتُها طفلاً بمعية أخوتي الكبار لكن أحداثها حُفِرت في ذاكرتي كالنقش في الحجر.. كانت المسرحية بعنوان " الفأر في قفص الاتهام" للكاتب المسرحي عبد الكافي محمد سعيد أقيمت على خشبة مسرح دار سينما بلقيس وأدتها فرقة المسرح الوطني (أيام ما كان عندنا مسرح) وكان أحد أبطال المسرحية جميل الشيباني (شقيقي الذي يكبروني سناً).

كانت المسرحية عبارة عن محاكمة تاريخية لفأر تم اتهامه من قِبل عدة شخصيات حكمت اليمن في مراحل مختلفة من تأريخه، منها الملكة بلقيس التي أتهمته بهدم سد مأرب، وسيف بن ذي يزن الذي أتهمه بجلب الغزاة إلي اليمن و مساعدتهم على زوال عرشه من خلال تآمره وخيانته، والأسود العنسي الذي اتهم الفأر بأنه هو الذي روّج لنبوته وأقنعه بها ثم انقلب عليه مع زوجته وأطاحوا بحكمه، وابرهة الأشرم الذي أتهمه بأنه هو الذي مكّنه من احتلال اليمن وحكمها .. المهم أن الجميع أتهم ذلك (العِكبار) بالتآمر على اليمن والتسبب في خرابها، ولكن المفاجأة هي أن (العكبار) الذي كان يجسد الفساد تمكّن من الهرب من قفص الاتهام قبل النطق بالحكم ليخرج شخص التأريخ في نهاية المسرحية محذراً أبناء اليمن من فساد (العكابر).

ولكن ماذا عن (عكابر) اليوم الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد ؟.

هل تعلم يا عبد الكافي أن (العِكبار الأكبر) يملك وحده ثروة من مليارات الدولارات تزيد على عدد سنوات حكمه الثلاثة والثلاثون جمعها نهباً من خيرات البلاد؟ .. هل تعلم أن ما يقرب من 250 (عِكبار) من بينهم أبناء (العكبار الأكبر) وأبناء أخوه وأشقاؤه من أمه وأصهاره و المقربون وبعض المتنفذين في حكومة (العكابر) تقدر ثرواتهم ما بين 18 و 22 مليار دولار؟.

ثم هل تعلم يا عبد الكافي أن (العِكبار الأكبر) اليوم قد سفك دم أبنائنا وإخواننا الذين أرادوا أن ينادوا بحقهم في الحياة الكريمة كبقية بنو جنسهم من أولاد آدم بعد أن استعبدهم ثُلث قرن علّمهم فيه وهو الأمي معنى البؤس بأصنافه وأذاقهم لأول مرة في تأريخ مجدهم التليد طعم (الزِبالة) ؟.
أشهدُ أيُها التأريخ أنك قد حذرتنا فلم نتعظ .. ونلنا ما نستحقهُ .. لكن هل سنسمحُ (لعكابرنا) بالفِرار قبل النطق بالحكم ؟.. يبدوا أننا ببركة (البَرَمات) التي تُبرم اليوم من وراء ظهورنا سنفعل، وسيُخرِج لنا التأريخ لِسانهُ ويعيد لنا نفس المقال مُضيفاً إليه " تعرِفون الأمور .. وتسكتون دهور .. وتريدون الثورة .. هيهات .. هيهات .. على غيري ". 


وللأحرار فقط تحياتي .. طارق الشيباني.
24 إبريل 2011