الخميس، 28 أبريل 2011

قبل أن يحترق الكوخ


يُحكى أنَ عاصفة شديدة هبت على سفينة في عرض البحر فأغرقتها.. ولم ينجو منها أحد إلا رجل أخذت الأمواج تتقاذفه يمنة ويسره حتى ألقت به على شاطئ جزيرة مجهولة و مهجورة .. ما كاد الرجل يفيق من غيبوبته ويلتقط أنفاسه، حتى خرَ ساجداً شُكراً لله على انقاذه وأخذ يدعوه العون على إخراجه من الوضع الذي هو فيه ..

مرت عدة أشهر كان الرجل يقتات خلالها على ثمار الشجر وما يصطاده من حيوانات، و يشرب من جدول ماء قريب من الشاطئ و ينام في كوخ صغير بناه بعد حهد جهيد من أعواد الشجر ليحتمي به من برد الليل و قيض النهار..

ذات مساء أخذ الرجل يتجول في الجزيرة بالقرب من كوخه ريثما ينضج طعامه الذي كان يرقد على بعض أعواد الخشب المتقدة، و عندما عاد فوجئ بأن النار قد التهمت كل ما حولها، فأخذ يضرب الأرض بيديه ويصرخ باكياً : لماذا يا رب؟ لماذا ؟ .. لما لم تُبقي لي شيء و أنا وحيد في هذا المكان الموحش، حتى الكوخ الذى كنتُ أحتمي به و أنام فيه قد احترق .. لماذا يا رب كل هذه المصائب تتوالى علىَّ ..لماذا ؟!!

أشتد به الإعياء و سيطر عليه الحزن وهو يُفكر بما أصابه من ضيق الحال فنام جائعاً وقد فقد كل أمل في النجاة، وفي الصباح كانت المفاجأة في انتظاره.. إذ رأى سفينة تقترب من الجزيرة و تُنزل منها قارباً صغيراً لإنقاذه، وعندما صعد على سطح السفينة وهو لا يكاد يصدق ما يجري أخذ يسأل طاقمها كيف وجدوا مكانه فأجابوه: لقد رأينا دخاناً يتصاعد، فعرفنا إن شخصاً ما يطلب النجدة !!!
ملحوظة: القصة أعلاه من ألأدب العالمي و قد تم اعادة صياغتها بما يتناسب مع العبرة المراد استخلاصها منها وهي كالتالي: لقد ساءت ظروفك أيها الشعب الأبي الكريم ولكن .. لا تيأس وتفقد الأمل .. فقط ثِق بأنَّ الله له حِكمة في كل ما حدث ويحدث لك .. فأحسن الظن به واعلم أنه يعمل لإنقاذك ..
لكن ذلك لا يمنع أن نجتهد جميعاً في سؤاله سبحانه وتعالى أن يُفرّج همّنا و يُعجّل برحيل رُبّان سفينتنا الذي أغرقها بسبب تهوره وجهله بفنون القيادة وقواعد السلامة، ونسأله تعالى أن يستجيب لدعائنا قبل أن يُحرِقَ هذا الطائش كوخنا، إنه على ذلك لقدير وبالإجابة جدير، ولا عزاء يومئذٍ لمن لبس الحرير، وأماتنا جوعاً وفقراً وزمهرير، (الطلي) وبطانته الحمير ..آمين اللهم آمين،

 وللأحرار فقط تحياتي .. طارق الشيباني.
20 إبريل 2011