الخميس، 28 أبريل 2011

كلبي الثائر روكي


كان لي كلب حراسة أجنبي ..أدعوه روكي، كان كلبا مدللاً لا يأكل غير دجاج البروست.. طلبت من أحد المطاعم المحترمة أن يوفر لي بشكل يومي 2 كيلو من بقايا الدجاج التي يتركها الزبائن على طاولاتهم طعاماً لروكي، وبحكم أن معظم زبائن هذا المطعم من المتخمين ـ كانوا لا يأكلون من الدجاج إلا ثلثه أو أقل من ذلك ويتركون الباقي للكلاب المحظوظة مثل روكي .. و أذكر ذات مره أن أحدهم رأى بين البقايا قطع دجاج شبه كاملة فقال: .. أعطني هذا الطعام وأنا أحرس البيت ليلاً ونهار .. فضحكت .. والتفت إليه لكنه كان قد توارى عن ناظري، فقلت محدثاً نفسي: ترى هل كان يمزح أم أنه ممن اضطرهم الجوع للبحث عن طعامهم في أكياس الزبالة ؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله.

المهم .. مرة سافرت مع عائلتي لقضاء اجازة العيد .. و أوكلت مهمة جلب طعام الكلب لشخص أعرفه ،لكن الرجل تعرض لظرف منعه من احضار طعام الكلب لمدة ثلاثة أيام .. عندما عدت وباشرت بفتح بوابة المنزل لأدخل سيارتي هرع إلي الكلب يتمسح ببنطالي ، شاكياً حالة الجوع التي يعاني منها .. فأشفقت عليه وذهبت مسرعاً لأجلب طعامه بنفسي، وبعد أن قربت له مائدته .. لاحظت أن الكلب قد مزق حذاء جديد كنت قد نسيته في حوش المنزل قبل السفر.. فأردت أن أعاقبه على فعلته بعقاب اعتاد عليه وهو سحب الطعام من أمامه ،وتوقعت أن تكون ردة فعله ككل مرة وهي أن يمتثل لرغبتي ويستكين ويخضع لأمري، ونسيت أن الكلب كان جائعاً تلك المرة، وبمجرد أن حاولت مد يدي لسحب وعاء الطعام من أمامه كشر عن أنيابه وأنذرني بصوت حشرجة رهيب .. خشيت منه أن يلتهمني بدلاً عن البروست.. فما كان مني إلا أن أعدت الوعاء إلى مكانه بمنتهى الأدب والاحترام.

كان هذا ما فعله كلبي الثائر روكي، مثبتاً لي خطأ مقولة شهيرة يحفظها زعمائنا العرب عن ظهر قلب ويمارسونها كسياسية لإذلال شعوبهم وهي مقولة (جوع كلبك يتبعك)..
تذكرت هذه الحادثة التي كنت طرفاً فيها وتذكرت تلك المقولة يوم جمعة الزحف أو التسامح عندما كنت أشاهد التلفاز ورأيت مئات الألوف من الجوعى يهتفون بحياة راعيهم الذي أماتهم من جوع و أرعبهم من خوف...فقلت في نفسي: ياسبحان الله .. كلبٌ يثور لأخذ حقه وشعبُ يصفق لسلب حقه !!! .. 

وللأحرار فقط تحياتي .. طارق الشيباني.
28 مارس 2011